ملاحقة القدر
ملاحقة القدر
خرج جوناثين راكضا من شقته الواقعة في حي بروكلين الفقير حامل كوب من القهوة سريعة التحضير قلقا مسرعا إلى مقابلة عمله الأولى في شركة مرموقه لطالما حلم بالعمل بها صارخا على سائق الحافلة الذي انطلق قبل وصوله إليه بثانية ليتوقف قليلا من أجله، بعد وصوله لاهثا إلى غرفة الانتظار المليئة بالملتحقين للوظيفة، يشعر بالمنافسة والتوتر الشديدين، كنوع التوتر الذي يصيبه في أول يوم للمدرسة "كانت أياما مقيتة" قائلا فيه نفسه، لقد كانت أول مقابلة عمل له "تبا، لم أستحم، لقد أفرطت فالنوم" بعد دخوله إلى المقابلة الوظيفية أخيرا، يشعر بالتوتر الشديد مجددا في معدته ثم يبدأ بالتلعثم في كلامه خصوصا عندما فقد بصره لعده ثواني بشكل غريب وأصيب بالهلع من الداخل وهذا الأمرُ لم يبدوا مهنيا جداً بالنسبة لموظف الموارد البشرية الذي كان يقول بنبرة ساخرة "إذا تظن أنك مناسب لهذه الوظيفة؟!" فخرج من المقابلة ممتلئا بالشئم سائرا ضاربا للقمامة في طريقه من شده الغضب، ثم يخطئ بإعطاء شخص رث الملابس قد اصطدم به آخر أمواله ظنا منه أنه متشرد، قائلا في نفسه متأملا "ربما فقط ربما، أفعالي الجيدة القادمة ستنعكس على الكون ليبادلني العطف"
، يستيقظ جوناثين بعد فترة مصابا بصداع نصفي غريب مشابه لصداع ما بعد شرب الكحول رغم أنه لم يشرب شيئا، وعند استمرار الصداع فاليوم كله مع بعض الدوار وظبابيه فالنظر يستعير أخيرا بعض المال من صديقه وشريكه فالمسكن (كيندريك) ويذهب إلى الطبيب، قال الطبيب "يبدو أن نظرك سليم، لكنني سأعطيك بعض الدواء للصداع النصفي" وفي ليله هذا اليوم يذهب مع أصدقائه إلى أحد المطاعم حيث كان ( كيندريك ) يحتفل بحصوله على ترقية جديدة في العمل الذي كان يريده جوناثين! وسيتكفل بالفاتورة، لقد كان جوناثين وحيد والديه ويعتبر (كيندريك ) أخ له ولكن يدور بينهما بعض الحديث بعد إفراط جوناثين بالشرب "مبارك لك!، انني متعجب من حظك الوفير يا كيندريك فيبدوا أن الكون يحبك" رد عليه كندريك قائلا "لا تعتمد على الحظ والكون في تحقيق مرادك وأنت لاتعلم ما يخبئه الله لك ثم نحن لا زلنا في بداية العشرينات" أجاب جوناثين على ذلك قائلا "لا تزعجني بهذه التفاهات يا كندريك لقد كان اسبوعي عصيبا بما فيه الكفايه وانت تعلم أنني لا أؤمن بالرب" لقد كان (كيندريك) قادرا على العيش لوحده ولكنه لم يستطع التخلي عن جوناثين بحكم العشرة بينهما، لقد تعرف جوناثين على (كيندريك) في بدايه ايام الجامعة واعتمد عليه كثيرا، لقد كان (كندريك) يمنعه من الوقوع فالمشاكل، وسرعان ما اصبحا صديقين حميمين، يصاب جوناثين بعدها بالصداع مره اخرى وكأنها مجازاه له على كلامه ويشل بصره في لحظات من الثانيه وتختفي بعدها محتويات قائمه الطعام وتتحول الى كتابات غريبه تقول "انظر الى التلفاز سيتم اغتيال رئيس الوزراء" يصاب جوناثين بالدهشه ويقول غاضبا "ماهذا ايها النادل!" يبدوا ان لا احد يراها غيره!، لقد ظن الجميع انها مجرد اثار الثماله ويتضح ان الكلمات تقول الحقيقه فقد تم اغتيال الرئيس بعد مرور خمس دقائق، يصاب جوناثين بالدهشه ويبدوا ان لا احد يصدقه حتى طبيبه النفسي بعد اتصاله به في صباح اليوم التالي، ويتكرر مثل هذا الامر اكثر من مره حيث تطلعه هذه الكلمات على احداث كثيرة حوله فيصاب جون بعدها بالجنون، وعندما كان يشكو الامر (لكندريك) حذره قائلا "لا أعلم من اين تأتي بهذا لكن من الافضل ان تغلق فمك قبل ان تقع فالمشاكل" وفجأة شئ ما قد تغير، لقد تحولت الكتابات من اقوال غريبه الى اوامر !
قائله "انظر الى الشارع في اتجاه الساعه التاسعة انقذ الفتاه الصغيره من الاصطدام بالسياره"
فيذهل ويسرع من منزله الى الشارع حيث كان هناك حفنه من الاطفال الخارجين من المدرسه، مستعدين لقطع الشارع، منتظرين إشارة المرور، لم يكن يعلم ايا من هؤلاء الاطفال عليه انقاذه بالضبط ثم يبدو ان احد الاطفال كانت تلعب بكره حمراء تدحرجت الى الطريق، بعد رمي جسده عليها وانقاذ حياتها وذهابه الى المستشفى برضوض خفيفة تتكرر هذه الاوامر اكثر فاكثر، فيضطر الى سماعها فلا مفره من ذلك فقلبه لم يسمح له يتجاهلها ، رجل قد اصيب بسكته قلبيه عندما كان يقود الحافله التي تنقله وامرأه تختنق بطعامها جالسه لوحدها فالمطعم المعتاد الذي يزوره، وهكذا تتوالى مثل هذه الاحداث عليه فيقضي اغلب اوقات ايامه ملاحقا لتنفيذ هذه الاوامر العجيبة
وفي يوم من هذه الايام الغريبه يصادف فتاه جميله تدعى ايميلي مجددا فلقد كانت تتردد لقائاتهما بالصدفه اكثر واكثر سواء لاحظها ام لالكنه لم يتقدم باي خطوه تجاهها، استمرا باللقاء في كل مكان الى ان وقع في حبها، لم يقع جوناثين فالحب من قبل لكنه كان يطوق الى انتباه احدهم فلك ان تتخيل العالم الوردي الذي كان يعيشه حينها، كتب عنها في مذكراته قائلا "لو استطيع وصفها بالكلمات لقلت انها كاللون الاصفر" مشيرا الى ايجابيتها ولا عجب في ذلك فلقد كانت تشعره بالخفة بعفويتها وحيويتها، لقد كانت ايميلي تراه شخصا مثاليا في عينيها وجعلت منه شخصا افضل، لم يتوقع احد منه هذا التغير، بعد التقاء جوناثين بوالدي ايميلي بايام، حصل على وظيفه جديدة بمساعده علاقات والدها، بدأ جونيثان بعدها بتجاهل اوامر الكلمات الغريبه على الجدران والاسطح فقد وقع في حب ايميلي ويريد قضاء الوقت معها اكثر ولاينشغل عنها قائلا في نفسه" أنا انسان عادي لا منقذ"، بعد فتره تطورت علاقته مع ايميلي اكثر بعد لقائه بوالديها، لقد كان منظر ايميلي مع عائلتها السعيده مربكة له حيث إن ماضيه مع والديه كان مختلفا تماما وبعد فتره اختفت كلمات اوامر الاسطح من الظهور ثم قررا العيش سويتا. (تكمله القصه ⬇️)
**************************************************************************************
استيقظ ماثيو من نومه العميق في أول يوم أجازه له من عمله فالمستشفى "الآن يمكنني العودة إلى القراءة"، ذهب إلى مكتبته باحث عن كتابه المفضل (نظرية الفراشة) لكن لم يجده "هذا غريب! أكاد أجزم أنني تركته هنا، هل يعقل أنها أخذته؟"، اتصل على جيني قائلا
ماثيو- اعلم أننا انفصلنا مؤخرا لكنه ليس عذرا لأخذ كتابي لقد اعطيتيني إياه كهديه لا تكوني وقحة.
جيني- عفوا؟ من أنت؟
ماثيو- لا تمزحي معي يا جيني.
جيني- لا أعلم عن ماذا تتحدث، من أعطاك هذا الرقم؟
ماثيو- أين الكتاب؟
جيني- ان أعدت الاتصال بي فسوف أتصل على الشرطة.
أغلقت جيني الهاتف في وجهه.
شعر ماثيو بالغيض وذهب إلى المغسلة لغسل وجهه
فلاحظ عدم وجود الشعرات البيضاء في رأسه، لكن لم يعر لذلك الكثير من الاهتمام،
بعد عده ايام من بداية إجازته خرج ذاهب لمفاجئه أحد أصدقائه في عمله في شركته فلقد كان يطوق إلى الترفيه عن نفسه والخروج للشرب معا، دخل إلى مكتب صديقه بحماس وبدون مقدمات، متخطيا السكرتيره وقال "كيفن كيف حالك ما رأيك بالذهاب إلى الملهى؟ على حسابي؟" أجاب كيفن عليه قائلا "عفوا من أنت؟ وهل تحدثني ؟ ثم هذا ليس اسمي !" أصيب ماثيو بالغضب مرة أخرى وبدا بالشجار معه حتى قام من دعاه بالصديق بطرده من مكتبه، يبدو أن الجميع يمزح معه متظاهرين بعدم معرفته "لابد أنه مقلب، هل يعقل أني أصبت بالخرف؟!" قرر الذهاب إلى بيته سيرا على الأقدام غارقا فالتفكير، نظر إلى زجاج احد المحال التجارية ولم يميز نفسه، ليس هذا فقط فقد بدا العالم حوله غريبا بشدة وكأن الهواء قد تغير "لابد انني اتوهم"، عندما عاد الى شقته لم يستطع الدخول اليها لاختفاء مفاتيحه ثم خرج اشخاص غرباء من الشقه مستغربين من وقوفه عند بابها قائلين "من انت؟" اصيب ماثيو بالجنون قائلا "من انا؟ من انتم؟ انها شقتي" ثم قالوا "لابد انك ثمل فهذه شقتنا لقد سكنا هنا منذ ثلاث سنوات" لقد اصبح ماثيو الأن كالمشرد في يوم ممطر بعد ان طرد مجددا بلا ممتلكات او معارف
، فتح محفظته باحثا عن بعض النقود فلاحظ اختفاء صوره والده البغيضه وصوره والدته
، لقد توفيت والدة ماثيو عندما كان فالثامنه عشرة من عمره فتكفل والده برعايته ووالده الآن يقطن فالطرف الآخر من المدينه، بعد اختفاء الصوره شعر ماثيو بالفزع، هل يعقل ان والده لن يتذكره بعد الآن ولن يميزه، ذهب ماثيو منفزعا محاولا اللحاق باحدى الحافالات بملابسه المبلله التي بدت كبيره عليه، وبعد وصوله الى منزل والده قام بطرق الباب فلم يجبه احد فخاف وقام بالنظر الى النافذه فرأى والده وهو يكتب بنهم على مذكره سوداء وكان والده يبدوا رثا فلم يقم بحلاقه ذقنه منذ فتره وكان منزله في حاله من الفوضى فلقد كان يحب جمع الخردوات وبعد ان قام ماثيو بمناداته اخيرا لفت انتباه والده ، بعد فتحه للباب قال له ماثيو "هل تتذكرني انه ماثيو" أصيب والده بالصدمه ثم قال "نعم انني اتذكرك"
، لقد كان والد ماثيو مكتئبا بشدة خلال السنوات الماضيه الاخيره فلقد شُخّص اخيرا ورسميا باكتئاب والدته الوراثي بعد فتره من ولاده ماثيو لقد كان يعاني في وظيفته كثيرا وابتهاج زوجته الزائد زاد وضعه سوء لقد اصبح كارها لها ولقد كان يغار عليها بشدة ووجود صديقها المقرب (مايك) حولها فالعمل غير مبشر له رغم ان (مايك) متزوج بالفعل ولكن ملاحقته وطريقه تعامله مع زوجته لم تكن فئلا مبشرا، بعد ان نضج ماثيو واصبح في عمر الثامنه عشر اكتشف سبب تاخر والدته فالعمل فلقد كانت قد ضاقت ذرعا بتصرفات والده تجاهها ، دائما ماكانت تساعده وتشجعه ان يكون افضل لكنه خذلها ولم تعد تميزه، وبدأت بخيانته سرا الى ان بدأ والده بملاحظه تصرفات زوجته الغريبه وكيف كانت تتجنب الاسئله حول عملها المتاخر وفي يوم ممطر اكتشف والده علامات غريبه على جسد زوجته، فقد عقله وبدا بالتشاجر معها، ارتفع صوتها وقام برمي الصحون عليها الى ان اخذت حقيبتها وتوجهت الى الشارع مسرعه وغير منتبهة لطريقها خوفا من ملاحقته لها فاصطدمت بإحدى الحافلات المسرعه، تدفق دمها على الطريق، أصيب والد ماثيو بالرهبة من شده المنظر وعادت إليه ذكريات قديمه حول انتحار والدته، لقد كانا يعيشان في حي سيء مع والده المخمور طوال الوقت ووالدته التي أرهقها العمل والاكتئاب الذي لم تتحمل مصاريف علاجه وفي ليله ممطرة كهذه استيقظ والده من نومه مرتعباً من صوت سقوط الكرسي الذي كان يحمل والدته المقدمة على شنق نفسها، حاول بكل استطاعته مع يديه الصغيرتين أن ينقذها فلم يستطع، الآن أصبح يلوم نفسه على موت زوجته وموت والدته "دبرا"، لقد ضل هذا المشهد وهذه الذكريات السابقة تهيم على والد ماثيو من فترة لأخرى وفي جنازة والدتي ماثيو ظهرت زوجه مايك كي تشتمها بسبب خيانة زوجها لها فزادت ألم والده اكثر.
، لقد أصبح ماثيو بعد موت والدته حانقا على والده فلقد كانت علاقتهما سيئة منذ البداية وأصبحت أسوء بسبب موت والدته المفاجئ فقام بالانتقال من المنزل والحصول على وظيفة تمكنه من الالتحاق بالجامعة إلى أن أصبح بعد عده سنوات طبيبا محترما في مستشفى مرموق وحصل على كثير من الأصدقاء صاحبي النفوذ
، كان والد ماثيو طول هذه الفترة يصارع الاكتئاب وحده بعد موت زوجته بسببه
وفي يوم من الأيام عندما كان يرمي القمامة من المنزل خطف نظره ورقه مزركشه على الأرض مكتوب فيها "أن وجدت هذه الورقة فهي رسالة مخصصة لك لتغيير حياتك، تعال إلينا لن تخسر شيئا" لم يكن والد ماثيو غبيا ويؤمن بهذه الخزعبلات لكن كلمه لن تخسر شيئا أقنعته بالذهاب
، كان الموقع غريبا فلقد وجهه إلى محل لغسل الملابس ذاتية الاستعمال
، شعر أن هناك خطبا ما "هل الاعلان مجرد كذبه؟"
بعد سؤال احد الزبائن عن الاعلان قام بالإشارة الى باب غريب في نهايه المحل، بدا الامر مريبا ومثيرا للشبهه "لماذا تختبئ في مكان كهذا"، بعد ان فتح الباب وجد احد العرافين صاحبي التكهنات
، شعر والد ماثيو انه تم الاحتيال عليه وقبل خروجه من ذلك المكان قال له العراف "انني اعلم لما اتيت إلى هنا"
جون- " اوه حقاً! وماذا في ذلك؟ أخبرني كيف ستساعدني بلوراتك وأوراقك على استعادتها" العراف- "لتغيير موتها استخدم هذه المذكرة السوداء" عجيب كيف عرف عن موتها؟
نظر جون إلى المذكرة أمامه ثم قال "لو كنت أريد مذكرة اكتب فيها يومياتي وأحزاني لسألت طبيبي النفسي"
العراف- "خذها وعد إلى منزلك ثم اقرأها، لن تخسر شيئا"
هزمته هذه العبارة مجددا، "لن تخسر شيئا"
وعاد إلى منزلة سيرا وبعد الانغماس في أفكاره وواقعه والشعور بالغضب قام برمي المذكرة في القمامة وبعد عده ايام من اكتئابه تذكر ما قاله العراف له "لن تخسر شيئا" بعد النظر إلى المذكرة فالقمامة، قام بفتح أول صفحة وكانت تقول "هذه ليست مذكرة تتصل معك فالمستقبل بل فالماضي، كل ما تكتبه هنا سيغير مجرى الأحداث لكن احذر أن تنتهك إحدى هذه القواعد
رقم واحد: كأي مذكرة عادية كونها موجهة لك فليس هناك داع للتعريف عن نفسك بل يجب عدم التعريف عن نفسك.
رقم اثنان: لا تقم بتغيير أي أحداث تاريخية جوهرية لكي لا تعبث مع التسلسل الكوني.
رقم ثلاثة: مهما حصل لا تحاول تغيير ما لم يتم تغيره مرة أخرى فهذا يعني أن ما تحاول تغييره مرسوم فالقدر ولا يمكن الفرار منه"
لم يقم جون بالتمعن في قراءة القواعد جيدا
، وكان متشوقا إلى تغيير ماضيه ومحاولة إنقاذ زوجته من موتها
لكنه يخفق كل مرة في تجنب موتها وإصابتها فالأمر يتكرر مجددا مهما فعل، تقوم بخيانته ثم يتضاربا ثم تموت، ففكر والد ماثيو بالعودة إلى صلب المشكلة، ربما تكون قاسية لكن لا مفر منها، حاول والد ماثيو عدم الالتقاء بزوجته، ولكن لانه لايستطيع اخبار نفسه فالماضي من هو، فيحاول اشغال نفسه من لقائه بها، ربما ادركت عزيزي القارئ ان والد ماثيو هو جوناثين صديقنا في بدايه القصه، لكن كانت الكتابات الغريبه اللتي توجهه وتشغله مرسوله منه هو نفسه، وربما علمت لماذا بدأ ماثيو بالاختفاء، فكلما اخر جوناثين التقائه بايميلي كلما تأخر موعد ولاده ماثيو وهكذا الى ان قابل ماثيو والده، منظر ماثيو الصغير وكيف عاد الى كونه طفل ذو الخمس سنوات محزننا لجوناثين، فلم يتحمل اختفاء ابنه واستسلم للأمر الواقع، لقد توقف جوناثين عن اللحاق بايميلي وعن محاوله عدم مقابلتها، لقد قام اخيرا بقراءة اخر قواعد المذكره، "لاتغير امرا محفورا فالقدر" بعد كل هذه الذكريات المختلفه اللتي مرت على عقل جوناثين وكل هذه السيناريوهات التي توصله الى نقطه مسدوده، بدأت بالتاثير عليه، لقد اصيب بالخرف ووضع في دار للمسنين، اما ماثيو ذو الخمس سنوات تكفل (كندريك) برعايته ثم وضعه في مدرسه داخليه، قام جوناثين بعد فتره بالانتحار بالادويه من شدة ذكريات موت زوجته المتكرره عليه، تغيير القدر امر مستحيل.
انتهى الجزء الاول
أروى محمد
الجزء الثاني
ماثيو
بعد مرور سنوات طويلة من تلك الأحداث التي تركت أثرًا لا يمحى في حياة كلٍّ من جوناثين وماثيو، بدأت تظهر حلقات جديدة في لعبة القدر.
في المدرسة الداخلية، كبر ماثيو وهو يجهل الكثير عن والده، لكنه كان دائمًا يشعر بشيء مفقود في حياته، كأنه يعيش في ظل ماضٍ مجهول. كان “كندريك”، صديق جوناثين، يقوم برعايته ويحرص على أن يمنحه بيئة مستقرة، لكنه لم يخبره سوى القليل عن والده وعن الحكاية الحزينة التي تركته يتيمًا.
مع مرور الوقت، أصبح ماثيو شابًا ذكيًا ومثابرًا، يحمل طموحًا كبيرًا للتميز في الحياة. التحق بالجامعة، حيث قرر دراسة الفيزياء النظرية.
في إحدى المحاضرات، تحدث أستاذه عن فكرة العوالم المتوازية وتأثير القرارات الصغيرة على مجرى الأحداث، فقال الأستاذ:
“في كل قرار نتخذه، قد نخلق نسخة موازية من الواقع… السؤال الذي يجب أن نسأله: هل يمكننا الوصولإلى هذه العوالم أو تغيير مسارها؟”
ومتأثرًا بشيء غامض كان يدفعه لفهم الزمن والأبعاد المختلفة، شعر ماثيو بارتباط عميق بهذا المفهوم، كأن شيئًا ما في داخله يناديه للبحث عن إجابة.
بعد فتره وجيزه بدأ ماثيو بالتحري عن والديه بعد أن وجد صورة قديمة لهما مخبأة في صندوق عتيق تركه كندريك له قبل اختفاءه على ظهر الصورة، كانت هناك كتابة بخط يد والده:
“إلى ماثيو، أعلم أنني أحببتك أكثر من أي شيء آخر. سامحني إن كنت جزءًا من معاناتك.”
ومذكره سوداء كانت تحتوي على القواعد ذاتها، ولكن مع إضافة غامضة في النهاية:
“إذا أردت أن تكسر الحواجز، ابحث عن جذور القصة. لا تسأل عن الماضي، بل انظر إلى المستقبل.”
شعر ماثيو بالارتباك والخوف. الكلمات بدت وكأنها تتحدث إليه مباشرة. رغم ذلك، قرر أن يحتفظ بالمذكرة ويبحث عن سرها.
قرر ماثيو زيارة دار المسنين حيث قضى والده أيامه الأخيرة. هناك، التقى بممرضة عجوز تدعى لانا كانت قد اهتمت بجوناثين. قالت له لانا:
“والدك كان رجلاً معقدًا، لكنه كان يحمل عبئًا كبيرًا. كان يحدثني أحيانًا عن المذكرة وعن أشياء غريبة تحدثفي حياته. أخبرني أنه كان يحاول حماية شخص ما"
هذا اللقاء أثار فضول ماثيو أكثر. بدأ يشعر أن المذكرة التي وجدها قد تكون مفتاحًا لفهم معاناة والده وربما لفهم ماضيه باكمله.
فجأة، وجد ماثيو نفسه في مكان مألوف لكنه مختلف. كان في شقة والده القديمة في بروكلين. الجدران كانت مليئة بالكتابات الغريبة التي تذكره بما قرأه عن حياة جوناثين. شعر كأنه يعيش حياة والده، كأن الزمن التف حوله وأعاده إلى نقطة البداية.
في تلك اللحظة، أدرك ماثيو أن عليه أن يختار بين متابعة مسار والده أو محاولة تغيير شيء جديد. المذكرة كانت تنبض بين يديه، وكأنها تطلب منه اتخاذ القرار.
تسائل ماثيو:
“إذا كان القدر لا يمكن تغييره، هل يمكنني خلق قدر جديد؟”
ظهرت كلمات على الصفحة:
“قدر جديد يولد من اختيار جديد. لكن احذر، الثمن قد يكون فادحًا.”
بينما يقف ماثيو في شقة والده القديمة، يمسك بالمذكرة ويحدق في الجدران المحيطة به. يعلم أن لديه فرصة واحدة فقط لصنع مستقبل مختلف، لكنه يدرك أيضًا أن هذه الفرصة قد تكلفه نفسه وكل ما يعرفه عن العالم.
هل سيخاطر ماثيو بكسر قوانين الزمن والقدر؟ أم سيقبل بالمصير الذي خطه والده؟
نهاية الجزء الثاني… أو ربما بداية جديدة؟
العنوان: العراف.
من هو العراف ؟
العراف شخصية غامضة تلعب دورًا محوريًا في القصة، فهو ليس إنسانًا عاديًا بل كيانًا خارج إطار الزمن، يعمل كوسيط بين القدر والبشر الذين يحاولون تغييره.
العراف يُمثل نقطة الالتقاء بين الماضي والحاضر والمستقبل، وهو من أعطى جوناثين “المذكرة السوداء” كوسيلة لتغيير ماضيه، لكنه لم يشرح حدود استخدامها بشكل كامل.
بالنسبه لجوناثين العراف يدرك انه يعاني من الم فقدان زوجته وفشل حياته، لذا يقدم له وسيله لتغيير ما حدث
وبالنسبه لماثير ماثيو يعتبر نتيجه مباشره لافعال جوناثين
فكل محاوله لجوناثين لتغيير القدر تؤثر على وجود ماثيو ذاته وهو ما يجعل العراف يبدو كأنه يحاول تحذير جوناثين من تغيير الامور الكونيه الجوهريه.
هدف العراف ليس مساعده جوناثين او ماثيو بصفه شخصيه فيمكن افتراض انه يرغب في تعليم جوناثين درسا عن قبول القدر وعدم محاوله تغييره وبل هدفه مساعده نفسه
العراف قد يكون شخصيه مالوفه بطابع مختلف وقد يكون احد الاشخاص اللذين مروا ف حياه كلا من ماثيو وجوناثين
ومستقبل ماثيو يعتمد على قرر جوناثين النهائي بالتوقف عن اللعب بالقدر
العنوان : التضحية الاخيرة .
جلس ماثيو في زاوية مظلمة من الغرفة، وعيناه موجهتان نحو “كندريك”، الذي لم يعد مجرد صديق والده، بل انكشف الآن ككيان أعظم: العراف. في تلك اللحظة، اختفت جميع الشكوك من ذهن ماثيو، وحلت محلها حقيقة واحدة قاسية.
“إذن… كل شيء كان مقدرًا؟ وجودي هنا، اختفائي البطيء… وحتى عذابات والدي؟” سأل ماثيو بصوت مرتجف.
كندريك ، أو العراف، ابتسم ابتسامة حزينة، وقال: “ليس كل شيء مكتوبًا يا ماثيو. نحن نُمنح الخيار، ولكن الخيارات تحمل أثمانًا. والآن، أنت أمام خيارك الأخير.”
ماثيو، الذي لم يتجاوز الخامسة عشرة، بدا وكأنه يكبر ألف عام في لحظة واحدة. وقف ببطء، وحدق في العراف، ثم قال: “إذا كان وجودي هو ما يمنع أبي وأمي من السعادة… فهل يمكنني أن أختار الرحيل؟ أن أختار عدم الوجود.
كندريك لم يرد في البداية، ولكنه أخرج من جيبه ساعة صغيرة، كانت عقاربها تتحرك عكس اتجاه الزمن. وضعها أمام ماثيو وقال: “هذه الساعة ستأخذك إلى لحظة قبل أن تُخلق. ستُمنح فرصة للتأثير على قرار والديك… القرار الذي أدى إلى وجودك. لكن تذكر، إذا اخترت ذلك، فلن يعود أحد يتذكرك. ليس والدك، ليس والدتك… حتى أنا سأفقد ذكراك.”
صمت ماثيو.
“لكن هل سيعيشان معًا؟ هل سيكونان سعيدين؟” سأل ماثيو.
اجاب "نعم"
أمسك ماثيو الساعة الصغيرة بين يديه، وشعر بثقل القرار. لم يكن خيارًا سهلًا، لكنه أدرك أن التضحية ليست دائمًا موتًا أو ألمًا؛ أحيانًا تكون اختيار الرحيل بصمت.
ثم، دون تفكير، أمسك بالساعة وضغط على زر صغير في جانبها. فجأة، اختفت يده، ثم اختفى جسده بالكامل كما لو أن الزمن يبتلعه.
وفي زاوية بعيدة من الزمن، كان العراف، كيندريك، يجلس وحيدًا. أمسك بساعة مكسورة، وعيناه ممتلئتان بالحزن، لكنه لم يتكلم. لم يكن بحاجة إلى ذلك.
لقد فهم ماثيو المعنى الحقيقي للتضحية. العالم استمر، لكن أثره لن يُمحى أبدًا، حتى لو لم يعد له وجود في ذاكرة أحد.
بعد أن أجرى ماثيو تغييره الأخير بمساعدة العرّاف، استيقظ ليجد نفسه في مكان مختلف تمامًا. غرفة واسعة، ممتلئة بالكتب القديمة، وأدوات غريبة متناثرة على طاولة خشبية عتيقة. أمامه وقف العرّاف العجوز، لكنه بدا متعبًا هذه المرة، وكأن عبء القرون أثقل كاهله.
“لقد انتهى دوري هنا، يا ماثيو”، قال العرّاف بصوت هادئ.
“ماذا تقصد؟” سأل ماثيو، وقد بدأ يشعر بشيء غريب داخله.
“العالم بحاجة إلى عرّاف جديد، وقد أثبت أنك الشخص المناسب.”
انتهى
أروى محمد
Comments
Post a Comment